الأزمة الاقتصادية الدولية الراهنة, تحليل للعوامل الجيوسياسية وأزمة الطاقة والاستجابات المؤسسية

الدكتور محمد خير فرحان حسين قرباع
محاضر غير متفرغ – الجامعة الاردنية

الملخص

يشهد الاقتصاد الدولي في العقد الثالث من القرن الحادي والعشرين أزمات هيكلية تتجاوز طبيعة الأزمات الدورية التقليدية التي مرت عليه، تنبع هذه الأزمات من تقاطع وتشابك عوامل متعددة تشمل التوترات الجيوسياسية المتصاعدة، وأزمات طاقة عالمية حادة، وتصدعات في نموذج النمو الاقتصادي الذي ساد بعد الحرب الدولية الثانية، تهدف هذه الدراسة إلى تقديم تحليل متكامل لهذه الأزمات المركبة، من خلال فحص ثلاثة أبعاد رئيسية: البعد الجيوسياسي المتمثل في التحول من العولمة إلى الإقليمية، وأزمات الطاقة كعامل محفز للتضخم وعدم الاستقرار، والاستجابات المؤسسية المتباينة التي تتأرجح بين التعاون والحمائية.
بالاعتماد على منهجية التوليف النقدي للأدبيات، تحلل الدراسة كيف أن محركات النمو التقليدية(الاستهلاك، والإنفاق الحكومي، والاستثمار الأجنبي المباشر، والصادرات)،قد وصلت إلى مرحلة التشبع أو التراجع، مما يقوض قدرة الحكومات على تحقيق التنمية المستدامة، كما يسلط الضوء على أزمات الطاقة كأزمات هيكلية ناجمة عن نقص الاستثمار في الوقود الأحفوري قبل جاهزية البدائل المتجددة، وقد فاقمتها الحرب في أوكرانيا، على صعيد الاستجابات، يُظهر البحث التباين بين نهج التعلم بين الأزمات الذي اتبعه البنك المركزي الأوروبي، والتوجه نحو السياسة الصناعية الحمائية الذي يمثله قانون خفض التضخم الأمريكي.
تخلص الدراسة إلى أن الأزمات الحالية ليست مجرد صدمة خارجية، بل هي أزمات في بنية النظام الاقتصادي الدولي نفسه، وتوصي بضرورة إعادة التفكير في نماذج التنمية، وتعزيز آليات التعاون الدولي لمواجهة التحديات المشتركة، وتطوير سياسات طاقوية ومالية قادرة على تحقيق الاستقرار والنمو المستدام في آن واحد.

abstract

The global economy in the third decade of the 21st century is experiencing a structural crisis that surpasses the nature of traditional cyclical crises. This crisis stems from the intersection and entanglement of multiple factors, including escalating geopolitical tensions, a severe global energy crisis, and fractures in the post-World War II economic growth model. This research aims to provide an integrated analysis of this composite crisis by examining three key dimensions: the geopolitical shift from globalization to regionalism, the energy crisis as a catalyst for inflation and instability, and the divergent institutional responses oscillating between cooperation and protectionism.
Relying on a critical literature synthesis methodology, the paper analyzes how traditional growth drivers consumption, government spending, foreign direct investment, and exports have reached a point of saturation or decline, undermining the ability of nations to achieve sustainable development. It also highlights the energy crisis as a structural issue stemming from underinvestment in fossil fuels before renewable alternatives were ready, a situation exacerbated by the war in Ukraine. On the institutional front, the research contrasts the ‘inter-crisis learning’ approach of the European Central Bank with the protectionist ‘industrial policy’ represented by the U.S. Inflation Reduction Act.
The study concludes that the current crisis is not merely an external shock but a crisis within the very structure of the global economic system. It recommends a fundamental rethinking of development models, the strengthening of international cooperation to address shared challenges, and the development of energy and financial policies capable of achieving both stability and sustainable growth